

الآليات التعاقدية .. هل يمكن الاستفادة منها
عزيزي (القارئة) القارئ ها أنا اوفي بوعدي لك (لكِ) بنشر الجزء الثاني من موضوع الآليات التعاقدية وكيف بإمكاننا ان نستفيد منها. وبما أننا نخوض الحديث في اروقة الحقوق والحريات ولأجل الإقرار بأهمية الموضوع وجديتهُ فقد ارتأيت أن أقتبس بعض العبارات المحددة للهدف من سلسة المقالات التي بين يديك فقد ورد في ديباجة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الاتي: "إن الدول الأطراف في هذا العهد إذ ترى أن الاعتراف لأفراد الأسرة البشرية جميعاً بالكرامة الإنسانية الأصيلة وبالحقوق المتساوية غير القابلة للتصرف، وفقاً للمبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة، أساس الحرية والسلم في العالم.. وإذ تدرك الالتزام بميثاق الأمم المتحدة والمترتب عليها تعزيز الاحترام والمراعاة العالميين لحقوق الإنسان وحرياته.. وإذ تدرك أن الفرد المترتبة عليه واجبات إزاء الأفراد الاخرين وإزاء المجتمع الذي ينتمي إليه، مسؤول عن السعي إلى تعزيز ومراعاة الحقوق المعترف بها في هذا العهد.. "
إذا ما عدنا الى ميثاق الأمم المتحدة والاعلام العالمي لحقوق الانسان والى بقية المعاهدات التسع (في الاليات التعاقدية) لوجدنا كلام مطابق او مشابه لما ورد في ديباجة العهد الدولي الخاص بالحوق المدنية والسياسية؛ إذا هذه المعاهدات لم تطرح اعتباطاً، بل وجدت لحماية حق أساس وهو الكرامة الأصيلة في الانسان وانطلاقاً من شمولية وعالمية حقوق الانسان تسارعت المجتمعات المتحضرة الواعية لتحفيز الدول للانضمام لهذه الاتفاقيات.
إن الجزء الأكبر من عمل الأمم المتحدة يندرج في مجال حقوق الإنسان في إطار التسعة معاهدات دولية وتسعة بروتكولات اختيارية، حيث ان هذه المعاهدات هي محور عمل ونشاط مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.
وتعد الدول طرف بالمعاهدة وبرتوكولاتها الاختيارية بعد التصديق او الانضمام اليها بشكل طوعي وبذلك يكون على عاتق الدولة التزاما قانونيا بتنفيذ الاحكام الواردة وتقديم تقارير دورية إلى هيئة معاهدة" تابعة للأمم المتحدة تتألف من خبراء مستقلين، وهذا الالزام على عاتق الدول مصدرة المعاهدات نفسها بهدف متابعة الدولة الطرف ومدى التزماها بتنفيذ احاكم المعاهدات، من هذه الالتزامات تعديل التشريعات بما يلائم هذه المعاهدات، هذا النص ورد في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الفقرة (2) من المادة رقم (2) "تتعهد الدول الأطراف وفقاً لإجراءاتها الدستورية ولأحكام العهد باتخاذ الخطوات اللازمة لاعتماد التدابير التشريعية والتدابير الأخرى اللازمة لأعمال الحقوق المعترف بها في العهد".
كما أسلفت في المقال الأول بوجود عشر هيئات (لجان) ترصد تنفيذ المعاهدات والبروتكولات الاختيارية عن طريق قناتين رئيسيتين هما:
أولاً التقارير الدورية المتعقلة بحالة حقوق بعينها (أي حقوق وردت في احدى المعاهدات التسعة) في دولة طرف.
ثانيا البلاغات المقدمة من الافراد، كما سبق أن استعرضنا الشروط اللازمة لتوافر الحق في تقديم من الأفراد.
وتجدر الإشارة الى انه يمكن لبعض هيئات المعاهدات أيضاً زيارة البلدان وإجراء تحقيقات.
السؤال هو أين اليمن من هذه المعاهدات؟
· العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اعتمد بقرار الجمعية العامة بالعام 1965 ودخل حيز النفاذ 1976، ثم انضمت اليمن في العام 1987، لم تنضم للبرتوكول الاختياري وبالتالي اللجنة غير مختصة باستقبال شكاوى الافراد.
· العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية اعتمد بقرار الجمعية العامة في 1966 دخل حيز النفاذ في 1969، انضمت اليمن في العام 1987، بينما لم تنضم الى البرتوكول الاختياري الملحق للاعتراف باختصاص اللجنة.
· الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري اعتمد بقرار الجمعية العامة في 1965 دخل حيز النفاذ 1969، ثم انضمت اليمن في العام 1972، الا ان اليمن لم تصدر الإعلان اللازم باختصاص اللجنة بتلقي الشكاوى.
· اتفاقية منهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة والعقوبة القاسية او اللاإنسانية او المهينة اعتمد بقرار الجمعية العامة في العام 1984 ودخل حيز النفاذ في العام 1987، اخيراً انضمت اليمن في العام 1991، لم تنضم للبروتكول الاختياري.
· اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة اعتمد في العام 1979 دخل حيز النفاذ 1981، أما اليمن فقد انضمت في العام 1984، بينما لم تنضم للبروتكول الاختياري.
· اتفاقية حقوق الطفل اعتمد بقرار الجمعية العامة في العام 1989 ودخل حيز النفاذ 1990، ثم انضمت اليمن في العام 1991
البرتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشان اشراك الأطفال بالنزاعات المسلحة انضمت اليه اليمن في العام 2007
البرتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال وبغاء الأطفال واستغلال الأطفال في المواد الإباحية انضمت اليه اليمن في العام 2004.
بينما لم تنضم اليمن للبروتوكول الثالث المضاف لاتفاقية حقوق الطفل بشأن إجراء تقديم البلاغات.
· الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة اعتمد بقرار الجمعية العامة في 2006 دخل حيز النفاذ 2008، انضمت اليمن في العام 2009، كما انضمت للبرتوكول الاختياري للاتفاقية في العام 2009.
لم تنضم اليمن الى كل من الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، كما لم تنظم للاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.
بذلك تكون اليمن انضمت الى سبع معاهدات من المعاهدات التسع كما انضمت الى ثلاث برتوكولات أثنان بشأن حقوق الطفل والبرتوكول الاختياري بالاتفاقية الدولية بشأن الأشخاص ذوي الإعاقة.
قد نجد أن الأمور لا تصب في صالح المتضرر والأشخاص الذين حرموا من حقوقهم الواردة في احدى هذه المعاهدات ويترتب على ذلك اهدار لهذه الحقوق، إلا أنه وبحسب رأي الأستاذ الدكتور محمد أمين الميداني أستاذ محاضر لمادة حقوق الإنسان في جامعة ستراسبورغ، فرنسا ورئيس
المركز العربي للتربية على القانون الدولي الإنساني وحقوق الانسان إذ يرى "أن هذه المعاهدات عندما طرحت تزامنت مع البرتوكولات الاختيارية غالبا بنفس العام لم تورد في هذه المعاهدات نص يوجب الدول على الانضمام لهذه البرتوكولات الاختيارية حتى لا تمتنع هذه الدول من الانضمام للاتفاقيات الأساسية أصلا، لذلك جعل الباب متواريا امام هذه الدول في نفس الوقت تضل هذه الدول بموجب التزامها بهذه المعاهدات بتنفيذ البنود الواردة فيها وبموائمة تشريعاتها بما ينطبق معها كما أن الدول الأطراف ملتزمة بتقديم التقارير الدورية بتنفيذ تعهداتها".
واستكمالاً لموضوع الحماية الدولية لحقو الإنسان وعبر الاليات الدولية للأمم المتحدة سأضع القارئ العزيز في مسلك أخر للجوء للآليات الدولية لتقديم شكوى او بلاغ هذه الاليات تدعى بالآليات الغير تعاقدية وستكون موضوع المقال القادم بإذن الله.

- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها