
(تقرير).. هل يعمل الإصلاح من خلال مواقفه الأخيرة على إعاقة تشكيل الحكومة أم حمايتها من الانهيار؟

(عدن الغد)خاص:
تقرير يستقرئ موقف قيادة حزب الإصلاح من اتفاق الرياض..
هل حانت لحظة قول الممنوع ؟!
بشكل مفاجئ أعلن رئيس حزب الإصلاح في اليمن محمد
عبدالله اليدومي موقفا واضحا وصريحا لحزبه من اتفاف
الرياض وتطبيقاته الأخيرة.
وقال اليدومي في تغريدة له انه يرفض إعلان الحكومة
قبل تطبيق الشق العسكري والأمني من الاتفاق.
ظهر خلال الأيام الماضية رئيس الهيئة العليا لحزب
الإصلاح محمد عبدالله اليدومي على مواقع التواصل
الاجتماعي ملقيا عدة تغريدات سياسية أثارت ردود فعل
كبيرة في الأوساط السياسية والإعلامية بين منتقد ومرحب
في ظل أوضاع سياسية قاتمة توقفت عندها كل التحركات
الرامية لتنفيذ اتفاق الرياض وتشكيل الحكومة المرتقبة
التي بات ينتظرها الشارع اليمني بشيء من الأمل.
جاءت تصريحات اليدومي عقب أيام قليلة على خروجه من
المملكة وتوجهه إلى مدينة اسطنبول التركية الأمر الذي
رأى كثيرون أنه ربما يكون بداية لتحول كبير في سياسة
الحزب الداخلية صوب قول الكثير من الممنوع حول قضايا
يمنية مختلفة.
وبحسب مراقبين فقد دأب اليدومي على الظهور في الأوقات
الصعبة التي يعانيها حزبه من جهة أو تعانيها الحكومة
الشرعية التي يشكل فيها الإصلاح حضورا قويا وذلك
لمخاطبة جماهير حزبه الواسعة أو مخاطبة الرأي العام
اليمني أو توجيه الرسائل للسياسيين ودول التحالف في
صورة تكشف مواقف الحزب الكبير من أهم القضايا التي
تجري في الساحة أو التي تشغل الرأي العام.
وفي الوقت التي منعت الحرب الدائرة في اليمن منذ سبعة
أعوام الأحزاب من القيام بأنشطة سياسية أو اجتماعية،
وحدت من حضورها في أوساط الجماهير، باتت وسائل التواصل
الاجتماعي هي المنصة الرئيسية التي يخاطب فيها قادة
الأحزاب أنصارهم في الداخل والخارج للحفاظ على تماسك
هذه الأحزاب، وفي محاولة لإبقائها حية في مواجهة كل
التحديات التي تواجهها.
ويواجه حزب الإصلاح تحديات كبيرة من الداخل والخارج،
فالحزب يخوض معركتين ضد قوى مختلفة في الشمال والجنوب،
في الوقت الذي ترى فيه دول التحالف ان الإصلاح يشكل
خطورة بالغة بسبب انتمائه لحركة الإخوان المسلمين.
ومؤخرا أفتت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية
السعودية بأن حزب الإصلاح المنتمي لحركة الإخوان
المسلمين يعتبر جماعة إرهابية لا تصح موالاته أو
الانتماء إليه.
ويرى كثيرون ان مثل هذه المواقف عمقت أزمة الحزب
بخصوص الكثير من القضايا السياسية على الأرض وعقدت
علاقته بالتحالف، وتحديدا المملكة العربية السعودية.
الوقت كالسيف
في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر نشر رئيس
الهيئة العليا للإصلاح محمد اليدومي مثلا متداولا في
الحياة العامة سرعان ما تحول لدى المتابعين إلى رسالة
سياسية تستحق التعليق والرد، حيث قال اليدومي: “الوقت
كالسيف إذا لم تقطعه قطعك”، وهي التغريدة التي أثارت
ردود فعل متنوعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث
اعتبرها البعض إشارة إلى قيادات الإصلاح المتواجدين في
السعودية بأن عليهم مغادرتها قبل ان تقوم الأجهزة
الأمنية بأي إجراءات ضد قيادات الحزب بعد صدور فتوى
هيئة العلماء التي صنفت الحزب كحركة إرهابية يجب
مقاطعتها والإبلاغ عن رموزها وعناصرها.
كما أشار متابعون آخرون إلى ان اليدومي كان يقصد في
تغريدته توجيه رسائل للأطراف المتحاورة داخل الرياض
يحثها على انجاز ما تبقى من بنود الاتفاق ومن ثم
تشكيل حكومة المحاصصة المرتقبة، مشيرا إلى ان الوقت
الذي يمر يعد وقتا ثمينا ينبغي استغلاله من جميع
الأطراف لتحقيق أهداف الاتفاق الذي ترعاه المملكة.
وفي المقابل علق نشطاء آخرون بالقول ان اليدومي رئيس
اكبر حزب سياسي في اليمن كان يخاطب القوات العسكرية
في أبين ويحثها على انجاز مهمتها في التوجه إلى عدن
في اقرب وقت، حيث يتهم سياسيون ونشطاء جنوبيون حزب
الإصلاح بالمشاركة في حرب أبين ويتخذ من الحكومة
الشرعية غطاء لتلك الحرب التي يقولون إنها تشن على
الجنوب بهدف احتلاله مرة أخرى.
وعلق الناشط السياسي في الحراك الجنوبي والمقرب من
المجلس الانتقالي ياسر اليافعي على تغريدة اليدومي
بالقول: توقعنا ان يتحدث اليدومي عن سقوط معسكر ماس
ومخاطر اقتراب الحوثي من مأرب لكنه أكد وبكل صراحة
ان حزبه من يعطل اتفاق الرياض وانه يسعى لإدخال
قواته مجدداً إلى عدن تحت اسم تنفيذ الشق العسكري
والأمني بينما يرفض حزبه سحب قواته من شبوة وشقرة
ووادي حضرموت.
وأضاف: سيفه سيكسر في الجنوب بعزيمة الرجال.
ومن هنا يمكن ان نقرأ ان الأوضاع تتعقد أكثر فأكثر
لاسيما في الجنوب، وأصبح البند المتعلق بالشق العسكري
والأمني في اتفاق الرياض محل خلاف وجدل كبيرين، ومؤخرا
أعلن حزب الإصلاح موقفه من هذا البند وهو موقف لا
يتسق مع موقف المجلس الانتقالي الذي يطالب أولا بتشكيل
الحكومة وإعلانها ثم تنفيذ الشق العسكري والأمني، ويرى
مراقبون ان ضغوطات السعودية لإعلان الحكومة قبل تنفيذ
البند المذكور سوف يصطدم برفض الرئيس هادي .
اتفاق الرياض
وأعلن حزب الإصلاح، مؤخرا موقفه من اتفاق الرياض بعد
صمت طويل استمر لمدة عام تقريبا، حيث أعلن الحزب على
لسان رئيس هيئته العليا محمد اليدومي ان نجاح اتفاق
الرياض وتشكيل الحكومة مرهون بتنفيذ الشق العسكري
والأمني.
وقال اليدومي ان عدم تطبيق الشق العسكري والأمني من
اتفاق الرياض سيجعل خروج الحكومة الجديدة إلى النور
امرا متعسرا.
وأكد في منشور على صفحته بالفيس بوك انه وبعد أكثر
من عام على توقيع اتفاق الرياض بات الاتفاق يشهد
محاولة تقديم بنود مؤخرة وتأخير بنود كان يجب ان
تطبق فورا.. مشددا على ان عدم تنفيذ الشق العسكري
سيمنع خروج الحكومة الجديدة إلى النور، قائلا ان مثل
ذلك لا يصب في مصلحة احد.
ومن هنا يمكن لنا القول ان الإصلاح يقول رأيه
بوضوح فيما يتعلق بتشكيل الحكومة وينظم إلى جانب
الرئيس هادي الذي رفض منذ البداية إعلان الحكومة قبل
تنفيذ الشق العسكري والأمني.
حرص على الحكومة أم تحقيق مكاسب سياسية؟
أثار رفض حزب الإصلاح تشكيل الحكومة قبل تطبيق الشق
الأمني والعسكري ردود كثيرة حيث وجد معارضون للإصلاح
ان الحزب يسعى حثيثا لأجل تحقيق مكاسب سياسية يرى ان
الشرعية باعتباره احد ابرز عناصرها لن تحققها إلا في
حال تطبيق الشق العسكري والأمني.
ويرى المعارضون ان قيادة الحزب تدرك ان الأطراف الأخرى
المعارضة وفي حال خسارتها لذراعها العسكرية لن تكون
قادرة على تحقيق أي انجازات سياسية أو مكاسب على
الأرض.
ويرى المؤيدون ان دعوة الإصلاح لتطبيق الشق الأمني
والعسكري من الاتفاق هي دعوة في محلها حيث يرون ان
الاتفاق لن يكون له جدوى في حال ما ظلت التشكيلات
الأمنية والعسكرية على ما هي عليه.
ويشكل الشق العسكري والأمني هاجسا للمجلس الانتقالي
حيث ترى قيادات فيه ان تنفيذ الشق العسكري والأمني
يعني إخراج قوات الانتقالي من عدن وإحلال قوات من
الحرس الرئاسي تابعة للرئيس هادي بدلا عنها بالإضافة
إلى دمج القوات وتوحيدها تحت إطار وزارة الداخلية، لذا
يرفض الانتقالي تنفيذ هذا البند ويطالب أولا بإعلان
الحكومة التي سيحصل فيها على أربع حقائب وزارية من
ضمن 24 حقيبة تم توزيعها على المكونات المختلفة بنظام
المحاصصة.
وفي تصريحات سابقة كشف الرئيس هادي عن مخاوفه من
عدم تنفيذ الانتقالي للشق العسكري والأمني وهو الأمر
الذي يجعله يربط إعلان الحكومة بتنفيذه بعد التوصل
لكافة الترتيبات الخاصة بتشكيل الحكومة وتعيين عناصرها،
حيث أصبحت الحكومة جاهزة للإعلان في إي وقت ولكن بعد
تنفيذ البند المذكور.
ويرى مراقبون ان انضمام الإصلاح للرئيس هادي في
ضرورة تنفيذ الشق العسكري والأمني قبل إعلان الحكومة
هو بمثابة دعم وتقوية لموقف الرئيس فضلا عن موقف
المؤتمر الشعبي العام المتسق معهما والذي عبر عنه بن
دغر.
وانتقد سياسيون موقف الإصلاح الأخير من اتفاق الرياض،
مشيرين إلى ان الإصلاح قد يكون يخطط لدخول عدن
مرة أخرى عبر تنفيذ الشق العسكري والأمني فضلا عن ان
موقفه هذا قد يمثل قطيعة مع المملكة العربية السعودية،
حيث قال حسين لقور بن عيدان وهو كاتب سياسي مقرب
من المجلس الانتقالي: “بعد وصول الزنداني إلى تركيا،
وبعد أن كان محتميا من صفة الإرهاب الموصوم بها
دوليا بالشرعية اليمنية المتواجدة في الرياض، وبعد كلام
اليدومي في الأيام الأخيرة واعتراضه على تشكيل الحكومة،
هل قطع الإخوان المسلمون اليمنيون شعرة معاوية بينهم
وبين التحالف والسعودية خصوصا؟”.
ويواجه الإصلاح نقدا متواصلا من النشطاء الجنوبيين
لاسيما المقربين من المجلس الانتقالي حيث يحملونه
مسؤولية فشل إعلان الحكومة والحرب في أبين، وكل تحرك
تقوم به الحكومة اليمنية يرونه لا يصب في صالحهم.
الإصلاح والمؤتمر
العلاقة السياسية العميقة بين حزبي الإصلاح والمؤتمر تعود
إلى تسعينات القرن الماضي حينما تحالف الطرفان ليخوضا
حرب صيف 1994 ضد الحزب الاشتراكي اليمني التي انتهت
باجتياح جنوب اليمن.
ومنذ العام 1999 بدت العلاقة بين الطرفين بالانفكاك
وصولا إلى حالة التصادم في 2011.
ورغم ذلك إلا ان دعوات التصالح بين الحزبين لاتزال قائمة.
هناك دعوات باتت واضحة تدعو إلى عقد مصالحة بين
الإصلاح والمؤتمر وانه ليس من مصلحة الحزبين التنافر
في ظل أوضاع خطيرة تهدد البلاد من كل اتجاه.
ومؤخرا التقت مواقف سياسية بين حزبي الإصلاح والمؤتمر
في عدد من القضايا الأمر الذي قد يدفع الطرفين إلى
التصالح مجددا لمواجهة أطراف سياسية طارئة باتت تشكل
تهديدا فعليا للحزبين. ويرى مراقبون ان تناغم مواقف
اليدومي مؤخرا وبن دغر على سبيل المثال قد يدفع
الطرفين للالتقاء سياسيا وصولا إلى تفاهمات كثيرة على
الساحة السياسية خصوصا مع المتغيرات السريعة الحاصلة.
وفي هذا السياق يرى القيادي المؤتمري عادل الشجاع ان
هناك من يعمل على شيطنة حزب الإصلاح، وهناك من يعمل
على إخراج المؤتمر من صراع المواجهة مع الحوثي، وهذا
يجعل الصف الجمهوري يقف على مفترق طرق.
لكن بعيدا عن ذلك يرى كثيرون ان أزمة الإصلاح
والمؤتمر أعمق من أن تردمها كتابات صحفية هنا وهناك،
فالمؤتمر ذاته لم يعد حزبا واحدا بل تحول إلى أكثر
من خمسة أجنحة مؤخرا. وترى أطراف مؤتمرية ان الإصلاح
هو الذي أضر بالمؤتمر خلال أحداث 2011.
وقال الشجاع “علينا أن نتجاوز أزمة الثقة وألا نجعل
لخطاب “الدوشنة” الذي تقوده أطراف هنا وهناك مكانا في
خطابنا السياسي والإعلامي وأن نتجاوز الدهماء إلى قادة
الرأي والفكر، فقد ضاق اليمنيون جميعا من هذا الصراع
الذي أوصل اليمن إلى الانهيارات المتعددة وسيقضي، إذا
استمر، على الحزبين، لأن هناك من يريد الخلاص منهما”.
ما الذي يريده الإصلاح ؟
ختاما أثار اليدومي بمواقفه السياسية الأخيرة الكثير من
الجدل السياسي حول الكثير من القضايا لعل أبرزها اتفاق
الرياض.
الأمر الذي سيدفع الكثير من المراقبين لمتابعة الأحداث
الأخيرة لفهم ما الذي تريده قيادات حزب الإصلاح
تحديدا.


- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها